حدثت عدة وقائع في عصر البعثة و في بيت النبوة .. و المسجد النبوي .. و بيوت الصحابة .. و هي مما يدخل في ( السنة العملية ) و الممارسة التطبيقية للمنهج النبوي .. اي انها ( شواهد مادية ) تعلن عن اباحة الغناء .. و تفيد ايضا بان اجتهادات مخالفة قد حدثت اثناء هذه التطبيقات و السنة العملية اراد اصحابها - و هم صحابة اجلاء - منع الغناء و لكن رسول الله ( ص ) أقر الغناء و نبه اصحاب هذه الاجتهادات على خطئها و خطئهم فيها ..
فمن السنة العملية التي رويت في اباحة الغناء نختار مرويات ثلاث .. شهد رسول الله ( ص ) الغناء في اثنتين منها و لم يقف موقفه منه عند اقراره فقط و انما خطأ من اجتهد لمنعه
اما المروية الثالثة فكان شهود الغناء فيها بعض الصحابة الذين خطأوا من اجتهد لمنعه و قالوا ان الرسول ( ص ) قد رخص فيه فهو مباح
فعن عائشة رضي الله عنها انها قالت : دخل رسول الله ( ص ) و عندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ( بعاث يوم من ايام الجاهلية بين الاوس و الخزرج انتصرت فيه الاوس ) ) فاضطجع على الفراش و حول وجهه فدخل ابو بكر فانتهرني و قال مزمار الشيطان عند رسول الله فاقبل رسول الله فقال (( دعهما )) فلما غفل _ اي ابو بكر _ غمزتهما فخرجتا ( رواه البخاري و مسلم و ابن ماجة )
نحن امام سنة عملية اقر فيها رسول الله ( ص ) الغناء في بيت النبوة من فتاتين غنتا باشعار تتحدث عن ذكريات وقائع الحرب في التاريخ .. بل و التاريخ الجاهلي .. عندما اعترض الصدبق ابو بكر مجتهدا في المنع .. اعترض الرسول على هذا الاجتهاد مؤكدا الاباحة - و لم يطعن احد من علماء الجرح و التعديل في احد من رواة الحديث - .
و عن عائشة - ايضا - و في ذات الحديث - تكملة تروي واقعة ثانية لسنة عملية اخرى في هذا الموضوع ... تقول رضي الله عنها ( و كان يوم عيد يلعب السودان - اي الحبشة - بالدرق و الحراب .... في المسجد فإما سألت رسول رسول الله و إما قال : ( تشتهين تنظرين ) فقلت : نعم فأقامني وراءه و خدي على خده يسترني بثوبه و انا انظر الى الحبشة يلعبون فزجرهم عمر .. فقال النبي ( امنا بني ارفدة .. دونكم بني ارفدة ) - و ارفدة لقب للحبشة سموا به لان ارفدة كان اشهر اجدادهم - حتى اذا مللت قال : ( حسبك ) قلت : نعم .. قال : ( فاذهبي ) . فهذه ايضا سنة اقرت اللعب ( التمثيل ) المصحوب بالغناء و بالرقص - ففي بعض الروايات انهم كانوا يغنون شعرا يقول :
يا أيها الضيف المعرج طارقا ..... لولا مررت بآل عبدالدار
لولا مررت بهم تريد قراهم ........ منعوك من جهد و من اقتار
و في بعض الروايات (( كانت الحبشة يزفنون ( اي يرقصون ) و في بعضها : يرقصون بين يدي رسول الله و يقولون : محمد عبد صالح ...... )) اخرج هذه الرواية الامام احمد عن انس بن مالك
و عندما اجتهد عمر بن الخطاب في المنع عارضه الرسول ( ص ) مقرا الاباحة و مؤكدا لها
اما المروية الثالثة : فعن عامر بن سعيد قال : (( دخلت على قرظة بن كعب و ابي مسعود الانصاري في عرس و اذا جوار يغنين ، فقلت : انتم اصحاب رسول الله و اهل بدر يفعل هذا عندكم ؟ ! ... فقالوا : ان شئت فاجلس و استمع معنا ، و ان شئت فاذهب فقد رخص لنا في اللهو عند العرس )) ( رواه النسائي )
فهذه المأثورة تتحدث عن اللهو بالغناء في عرس شهده الصحابة بدريون فلما اعترض احد الصحابة مجتهدا في المنع اخبروه ان رسول الله ( ص ) قد رخص لنا في اللهو عند العرس
و هناك احاديث اخرى تؤكد الاباحة و لم يرد فيها ان قام احد الصحابة بالاجتهاد و المنع فعن عائشة رضي الله عنها انها زفت امرأة الى رجل من الانصار فقال رسول الله (( يا عائشة ما كان معكم لهو ؟ فان الانصار يعجبهم اللهو )) رواه البخاري
و في رواية ثانية لهذه الواقعة : انكحت عائشة ذات قرابة لها رجلا من الانصار فقال رسول الله ( ص ) (( اهديتم الفتاة ؟ ألا بعثتم معها من يقول : أتيناكم / اتيناكم ... فحيانا و حياكم )) رواية النسائي
و في حديث اخر عن السائب بن يزيد ان امرأة جاءت الى رسول الله ( ص ) فقال : (( يا عائشة اتعرفين هذه ؟ قالت : لا يا نبي الله .. قال : قينة بني فلان .. تحبين ان تغنيك ؟ فغنتها )) رواه النسائي
في كل هذه المرويات ما يشهد بإباحة هذا اللهو و المصحوب بعضه بالتمثيل و الرقص و بتخطئة الاجتهاد الذي اراد الصحابه منعه ...